![]() |
اغتيال بلقيس(نزار قباني)
شكرا لكم.. شكرا لكم.. فحبيبتي قتلت ..وصار بوسعكم ان تشربو كأسا على قبر الشهيده وقصيدتي اغتيلت... وهل من أمة في الارض .. الا نحن- نغتال القصيده؟ بلقيس ... كنت أجمل الملكات في التاريخ بابل بلقيس.. كانت أطول النخلات في ارض العراق كانت اذا تمشي .. ترافقها طواويس... وتتبعها أيائل... بلقيس لا تتغيبي عني فان الشمس بعدك لا تضيء على السواحل بلقيس يا عصفورتي الاحلى ويا ايقونتي الاغلى ويا دمعا تناثر فوق خد المجدليه اترى ظلمتك نقاتك ذات يوم.. من ضفاف الاعظميه بيروت...تقتل كل يوم واحدا منا .. وتبحث كل يوم عن الضحيه بلقيس... يا عطرا بذاكرتي .. ويا قبرا يسافر في الغمام.. قتلوكي في بيروت مثل اي غزاله من بعد.. ما قتلوا الكلام.. بلقيس... ليست هذه مرثية لكن.. على العرب السلام بلقيس... مذبوحون حتى العظم.. والاولاد لا يدرون ما يجري.. ولا ادري انا ما أقول؟ هل تقر عين الباب بعد دقائق؟ هل تخلعين المعطف الشتوي؟ هل تاتين باسمة وناضرة ومشرقة كأزهار الحقول؟ بلقيس... ان زروعك الخضر على الحيطان باكية.. ووجهك لم يزل متنقلا.. بين المرايا و الستائر حتى سيجارتك التي أشعلتها لم تنطفىء.. ودخانها ما زال يرفض أن يسافر بلقيس هذا موعد الشاي المعطر.. و المعتق كالسلافة فمن الذي سيوزع الأقداح ايتها الزرافه ومن الذي نقل الفرات لبيتنا وورود دجله و الرصافه بلقيس.. يا بلقيس.. يا بلقيس كل غمامه تبكي عليك فمن ترى يبكي عليا بلقيس كيف رحلتي صامته ولم تضعي يديك على يديا بلقيس كيف تركتنا في الرياح نرجف مثل اوراق الشجر وتركتنا نحن الثلاثه ضائعين كريشة تحت المطر اتراك ما فكرت بي و انا الذي يحتاج حبك....مثل زينب او عمر بلقيس تذبحني التفاصيل الصغيره في علاقتنا.. وتجلدني الدقائق و الثواني فكل دبوس صغير قصه ولكل عقد من عقودك قصتان حتى ملاقط شعرك الذهبي تغمرني كعادتها بامطار الحنان ويعرش الصوت العراقي الجميل... على الستائر.. و المقاعد والاواني ومن المرايا تطلعين .. من الخواتم تطلعين من القصيده تطلعين من الشموع من الكؤوس من النبيذ الارجواني بلقيس... يا بلقيس.. لو تدرين ما وجع المكان في كل ركن ..أنت حائمه كعصفور.. وعابقة كغابة بيلسان.. فهناك ..كنت تدخنين هناك كنت تطالعين هناك كنت كنخله تتمشطين وتدخلين على الضيوف كانك السيف اليماني الحزن يا بلقيس يعصر مهجتي كالبرتقاله الان اعرف مأزق الكلمات أعرف ورطة اللغه المحاله... وانا الذي اخترع الرسائل لست أدري ...كيف ابتدىء الرساله... ما زلت أدفع من دمي... أعلى جزاء كي أسعد الدنيا ولكن السماء شاءت بان أبقى وحيدا مثل أوراق الشتاء أخذوك أيتها الحبيبه من يدي.. أخذوا القصيدة من فمي أخذوا الكتاب والقراءة و الطفوله و الأمان بلقيس" اسألك السماح فربما كانت حياتك فدية لحياتي اني لاعرف جيدا ان الذين تورطوا في القتل كان مرادهم أن يقتلو كلماتي نامي بحفظ الله ...أيتها الجميله فالشعر بعدك مستحيل والانوثه مستحيله اتمنى تعجبكم |
الساعة الآن 03:16 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.